المدير Admin
عدد الرسائل : 256 العمر : 40 الموقع : بسطاملي تاريخ التسجيل : 18/09/2007
| موضوع: دراسة حديث أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون 20/8/2010, 00:56 | |
| دراسة حديث أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون كنت أتحدث مع شخص صوفي ، فقال لي : إن هناك حديثاً في مسند الإمام أحمد يقول : ( اذكروا الله ذكراً كثيراً حتى يظن الناس أنكم مجانين ) فهل هذا حديث بالفعل ، وما صحته ؟
الجواب : الحمد لله نص هذا الحديث يروى عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللهِ حَتَّى يَقُولُوا : مَجْنُونٌ ) رواه الإمام أحمد في " المسند " (18/195، 212)، وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (1/102)، وأبو يعلى في " المسند " (2/521)، وابن حبان في " صحيحه " (3/99)، والطبراني في " الدعاء " (ص/521)، والحاكم في " المستدرك " (1/677) ، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (2/64) وفي "الدعوات الكبير " (1/17)، وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (رقم/4)، وابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال " (رقم/156) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/220)، والثعلبي في " الكشف والبيان " (8/51)، والواحدي في " الوسيط (3/230). جميعهم من طريق دراج أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري به .
وقد اختلف أهل العلم في هذا الإسناد على قولين : القول الأول : أنه إسناد حسن أو صحيح : قال عثمان بن سعيد الدارمى ، عن يحيى بن معين – في دراج بن سمعان - : ثقة . قال عثمان : دراج أبو السمح ، ومشرح بن هاعان ليسا بكل ذاك ، وهما صدوقان . وقال عباس الدورى : سألت يحيى بن معين عن حديث دراج ، عن أبى الهيثم ، عن أبى سعيد ، فقال : ما كان هكذا بهذا الإسناد فليس به بأس ، دراج ثقة ، و أبو الهيثم ثقة . وقال ابن شاهين : ما كان بهذا الإسناد فليس به بأس . انظر : " تهذيب التهذيب " (3/209) وقد صحح ابن معين هذا الحديث عينه – كما في " تاريخ ابن معين " رواية الدوري (4/413) -. وقال الحاكم رحمه الله : " هذه صحيفة للمصريين صحيحة الإسناد ، وأبو الهيثم سليمان بن عتبة العتواري من ثقات أهل مصر " انتهى. وصححه ابن حبان بإخراجه في " صحيحه "، ونقل المناوي عن الحافظ ابن حجر تحسينه كما سيأتي نقله في كلام الشيخ الألباني رحمه الله .
القول الثاني : أنه إسناد ضعيف بسبب دراج بن سمعان أبو السمح (ت126هـ) قال أحمد بن حنبل : حديثه منكر . وحكى ابن عدى ، عن أحمد بن حنبل : أحاديث دراج ، عن أبى الهيثم عن أبى سعيد : فيها ضعف . وقال أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود : أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم ، عن أبى سعيد . وقال النسائي : ليس بالقوى . وقال في موضع آخر : منكر الحديث . وقال أبو حاتم : في حديثه ضعف . وقال الدارقطني : ضعيف . وقال في موضع آخر : متروك . وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت محمد بن حمدان بن سفيان الطرائفي ، يقول : سمعت فضلك الرازى - وذُكر له قول يحيى بن معين فى دراج أنه ثقة -، فقال فضلك : ما هو بثقة ، ولا كرامة له . وروى له ابن عدي أحاديث ، ثم قال : وعامة الأحاديث التي أمليتها مما لا يتابع دراج عليه – وذكر منها حديث : ( اذكروا الله حتى يقولوا مجنون ) ثم قال : - وسائر أخبار دراج غير ما ذكرت من هذه الأحاديث يتابعه الناس عليها ، وأرجو إذا أخرجت دراجا وبرأته من هذه الأحاديث التي أُنكرت عليه ، أن سائر أحاديثه لا بأس بها ، وتقرب صورته مما قال فيه يحيى بن معين . انظر : " تهذيب التهذيب " (3/209) ولذلك ضعف هذا ابن عدي في " الكامل "، والذهبي في " ميزان الاعتدال " (2/25)، بل حكما عليه بالنكارة ، وضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " ، وقال : " وأما الذهبي فقد سقط الحديث من " تلخيصه " المطبوع مع " المستدرك " فلم يتبين لي هل تعقبه أم أقره ، و الأحرى به الأول لأمرين : أحدهما : أنه الذي نعهده منه في غير ما حديث من أحاديث دراج التي صححها الحاكم ، فإنه يتعقبه بدراج ، ويقول فيه " إنه كثير المناكير " والآخر : أنه أورد دراجا أبا السمح في " الميزان " فقال : " قال أحمد : أحاديثه مناكير و لينه ، ومنه تعلم أن تحسين الحديث كما فعل الحافظ فيما نقله المناوي عنه غير حسن . والله أعلم " انتهى. " السلسلة الضعيفة " (رقم/517) . وقال أيضا : " رأيت الشيخ أحمد الغماري في كتابه " المداوي" يميل إلى تحسين أحاديث دراج عن أبي الهيثم في ثلاثة مواضع ، منه ( 1/ 278 ) قال فيه : فدراج أبو السمح يعلم أمره صغار المبتدئين في طلب الحديث ، وله نسخة معروفة ، وكثير من الحفاظ يحسنها . وفي ( 1/ 373 - 374 ) قال في الحديث : ( إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد ) ، رداً على المناوي تناقضه فيه : بل هو حسن إن شاء الله ؛ لأن نسخة دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد غايتها الحسن . وهذا تجاهل منه لقاعدة : ( الجرح مقدم على التعديل مع بيان المسبب ) وهو أن أحاديثه مناكير - كما تقدم عن الإمام أحمد وغيره - ؛ لكن الرجل يتبع هواه ، وينتصر للصوفية والطرقية الرَقَصَة ، ويرد أقوال الحفاظ إذا ما جرحوا أحداً من الرواة الصوفية مثل : ( أبي عبد الرحمن السُلمي )، ومن الدليل على ذلك أنه لما خرج هذا الحديث ؛ نقل تصحيح الحاكم لإسناده مقراً له عليه ، وأتبعه بقوله : وهذا الحديث عظيم الشأن ، جليل المقدار ، يشتمل على فوائد كثيرة ، أوصلها العارف أبو عبد الله محمد بن علي الزواوي البجايي إلى مئة وست وستين فائدة ، في مجلد لطيف سماه : " عنوان أهل السير المصون وكشف عورات أهل المجون بما فتح الله به من فوائد حديث : ( اذكروا الله حتى يقولوا : مجنون ) " وقد قرأته وانتفعت به والحمد لله ! . قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : من هذا الزواوي البجايي ؟ لا شك أنه من غلاة الصوفية الجاهلين بالسنة المحمدية أو المتجاهلين لها ؛ يدلك على ذلك هذا العنوان الذي أقل ما يقال فيه أنه تنطع بارد ؛ فإن مثل هذه الفوائد المزعومة التي تجاوزت المائة لم يذكر أحد - فيما أعلم - هذا العدد ولا قريباً منه في حديث صحيح ، وإنما هو من سخافات الطرقيين الذين وضعوا حديث: ( أذيبوا طعامكم بذكر الله )، ولله درُّ من قال فيهم : أيا جيل ابتداعٍ شرُّ جيل *** لقد جئتم بأمر مستحيل أفي القرآن قال لكم إلهي: *** كلوا مثل البهائم وارقصوا لي! " انتهى. " السلسلة الضعيفة " (رقم/7042) وكذا ضعفه محققو مسند الإمام أحمد طبعة مؤسسة الرسالة (18/195)
وعلى كل حال : فالحث على ذكر الله ذكرا كثيرا ثابت في الكتاب والسنة الصحيحة : يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الأنفال/45. ويقول عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) الأحزاب/41 ويقول سبحانه : ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) الشعراء/227. وقال جل وعلا : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب/21. وقال جل ذكره في جملة صفات عباده الصالحين : ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) (الأحزاب:35) اللَّهَ كَثِيرًا ) الأحزاب/35. ويقول سبحانه وتعالى : ( فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) الجمعة/10. قال ابن القيم رحمه الله : " قيد الأمر بالذكر بالكثرة والشدة ؛ لشدة حاجة العبد إليه ، وعدم استغنائه عنه طرفةَ عين ، فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له ، وكان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته عن الله . وقال بعض العارفين : لو أقبل عبد على الله تعالى كذا وكذا سنة ، ثم أعرض عنه لحظة ، لكان ما فاته أعظم مما حصله " انتهى. " الوابل الصيب " (ص/89) وقال أيضا رحمه الله : " دوام الذكر لما كان سبباً لدوام المحبة , وكان الله سبحانه أحق بكمال الحب والعبودية والتعظيم والإجلال ، كان كثرة ذكره من أنفع ما للعبد ، وكان عدوُّه حقاً هو الصاد عن ذكر ربه وعبوديته , ولهذا أمر سبحانه بكثرة ذكره في القرآن ، وجعله سبباً للفلاح " انتهى. " جلاء الأفهام " (ص/339) والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
| |
|